السبت، 10 ديسمبر 2011

كيف نتقبل إنتقادات الآخرين؟



هل تجدون صعوبة في تقبل الملاحظات التي يوجهها إليك الآخرون؟ إذا كان جوابك بنعم فاعلم أنّ الإنتقادات إذا كان لها ما يبررها فهي دائماً بناءة، ويمكنك أن تعتمد عليها لكي تتقدم، فعليك فقط أن تفهم الملاحظات التي توجه إليك جيِّداً وتميز بين النقد البناء والنقد الهدام.

كلما سمعنا كلمة إنتقاد تصورنا فوراً معنى سلبياً، يبدو أنّه يصنف في أذهاننا في خانة الأفكار السلبية. أغلبنا يميل إلى أخذ الإنتقاد على أنّه إهانة وتثبيط للعزيمة، ولا يكون قادراً على تقبله بسهولة. نعم، يمكن للإنتقاد أن يجعل المرء عصبياً أو متوتراً، أو يجعله يتحول فجأة إلى موقف المدافع عن نفسه. وإذا نظرت من حولك ستجد أناساً كثيرين يغضبون وتثور ثائرتهم بسرعة، إذا وجهت إلى شخصهم ملاحظات أو إنتقادات من أي نوع ومهما تكن بسيطة. وكم من شخص عالي المقام يعتبره الناس نبيلاً ومتواضعاً ومحترماً، ينقلب فجأة إلى بركان غاضب إذا ما وجه إليه أحد إنتقاداً أو ملاحظة ما. هذا يجعلنا نتساءل: لماذا لا نتقبل في عمومنا الإنتقادات بصدر رحب وبامتنان، بل وبسعادة؟ لماذا نحن حساسون جدّاً تجاه إنتقادات الآخرين لنا؟ ولماذا نسمح للإنتقادات بأن تؤثر فينا وفي علاقاتنا المهنية والشخصية وتؤثر أيضاً في مدى مردودنا؟

إننا عندما نتساءل: "كيف يمكننا مواجهة الإنتقادات؟"، فإن هذا يعني بشكل مباشر أنّ الإنتقاد هو شيء مكروه وسلبي وأنّه مشكلة، وهذا خطأ، لأنّ الإنتقاد في الواقع شيء جميل، هو رحمة وهو معروف، وخدمة يسديها لنا الطرف الآخر المنتقد، وهذا لا نكتشفه إلا إذا أمعنا النظر جيِّداً في مزايا الإنتقاد من الناحية السيكولوجية.

لهذا، فنحن سنركز على كيف نفهم الإنتقادات وكيف نتقبلها، وماذا نفعل لكي نرى الأوجه الحقيقية للإنتقادات والملاحظات التي يوجهها إلينا الناس. إذ علينا ألا نكون سلبيين ومنذ البداية، بل علينا أن نكون واقعيين وأن نتناول الموضوع بواقعية، حينها فقط يمكننا أن نتفهم الأمر ونتقبل الإنتقادات، وننتفع بالمزايا التي يمكن أن نحصدها من ورائها.

- افهم الملاحظات التي توجه إليك:
بداية ما هو الإنتقاد؟ الإنتقاد أو النقد هو ببساطة تحليل الشيء والحكم عليه، وتقييمه ووضعه تحت الملاحظة، غير أنّ النقد قد اتخذ معاني عدة مختلفة، لدرجة أنّ البعض بدأ يفهم على أنّه شيء سلبي. ومع ذلك فإنّ للإنتقاد أكثر من وجه واحد، مثله مثل أي شيء في هذا العالم، يمكننا أن ننظر إليه من الوجه الذي نحب. فلماذا لا نتخلص من الوجه السلبي وننظر فقط إلى وجهه الإيجابي؟

مفهوم السلبية والإيجابية هذا هو الذي سيعينك لكي تستفيد من النقد الذي يوجه إليك. يمكننا أيضاً أن نقول إنّ هناك الإنتقادات الهدامة والإنتقادات البناءة، فأيهما تفضل؟ النوع الأوّل يحفزك ويشجعك ويكون دافعاً لك من أجل أن تحسّن من نفسك، أمّا النوع الثاني فيثبط عزيمتك ويحطم معنوياتك، ويقلل من تركيزك ومردودك. لهذا، تذكر أنك في حاجة إلى النوع الأوّل وليس إلى النوع الثاني، فآخر ما تحتاج إليه هو كلام من شخص غير مسؤول يُغضبك ويفقدك تصميمك وعزيمتك ويشعرك بالنقص.

- قل لنفسك إنّه لا أحد كاملاً:
عندما ينتقدك أحدهم ويضعك أمام أخطائك أو نقائصك، قُل لنفسك إنّ كل الناس يرتكبون الأخطاء، وإنّ الناجحين ينجحون لأنّهم يستخلصون دروساً من فشلهم، وكما في القول المأثور: "الأقوياء ليسوا هم أولئك الذين لا يسقطون أبداً، بل الأقوياء هم أولئك الذين يسقطون ثمّ ينهضون دائماً". وتذكر أنّ من الطبيعي أن تشهد كل مرحلة من حياة الإنسان تقلبات كثيرة، تارة إيجابية وتارة سلبية. يجب إذن الإستعداد جيِّداً لكل هذه التقلبات، لكي تبقى قوي في جميع المراحل.

- اترك مسافة بينك وبين كلام الآخرين:
عندما يوجه إليك أحدهم إنتقاداً أو مجرد ملاحظة، فأوّل ما تفعلينه هو أن تطرح على نفسك بعض الأسئلة بدل أن تصدر ردة فعل سلبية. أسئلة مثل: لماذا قال لي أنا هذا الكلام؟ ما الذي حصل جعله يوجه إلي هذه الملاحظة؟ هل اشتغلت بما فيه الكفاية على هذا المشروع؟ ربّما أراد الشخص الذي وجه إليك الإنتقادات فقط أن يلفت إنتباهك إلى خطأ أرتكبته، وذلك حتى لا تقع في الخطأ نفسه في المرة المقبلة. لهذا، أنصت إلى من ينتقدك وحاول أن تفهم إنتقاداته، وذلك بأن تطلب من محدثك مثلاً أن يوضح ما يقصده، وحينها ستحكم هل كان الهدف من ذلك النقد هو أم أنّه كان وسيلة لحل مشكلة ما.

- حافظ على هدوئك:
لا ينبغي أن تسيطر عليك عواطفك ولا أن ترضخ لإنفعالاتك، وتسمح للموقف بأن يتضخم فيأخذ أكبر من حجمه. صحيح أنّ العصبية والإنفعال تصرف طبيعي، لكن تذكر أنّ الإنفعال لن يفيدك في شيء، بل سيبدد طاقتك وقد يدفعك إلى التصرف بشكل خاطئ. وسواء أكانت الملاحظة التي وجهها إليك الآخر مبنية على أساس مقنع أم لا، فإن أفضل ما تقوم به هو أن تبقى منفتح الفكر لكي تتمكن من أن تثبت للآخر أنّه مخطئ. إن حفاظك على هدوء أعصابك سيجعلك أكثر قدرة على الحوار والنقاش مع منتقديك، وسيكون النقاش أكثر فائدة للطرفين كليهما، وبالتالي سيتم حل الخلافات بسهولة.

- ابحث عن حلول:
لا يجب أن تكون سلبي بل عليك أن تتحول من مفعول به إلى فاعل، لا تنطو على ذاتك، ولا تغلق الأبواب والنوافذ حولك وتهرب، لا تستسلم للشعور بأن لا أحد يفهمك وبأنك ضحية، إن من يفكر بهذه الطريقة لا يتقدم أبداً. إذا وبخك أحدهم على تصرف ما، فما عليك سوى أن تستجمع قواك لكي تثبت له أنه مخطئ، أو أن ذلك ليس نهاية المطاف وأنك قادر على تصحيح أخطائك والتقدم نحو الأمام. مثلاً، إذا اتهمك شخص ما بأنك كسول أثبت له كم أنت مجتهد ويمكن الإعتماد عليك، وإذا قال لك أحدهم "أنت ساذج" اعمل على أن تكون متزن ومتعلق، وفكر جيِّداً قبل أن تقدم على أي خطوة في حياتك.

وفي المقابل، إذا رأيت أنّ الإنتقادات التي وجهت إليك كانت سطحية وغير مبنية على أساس، وهي موجهة فقط لمضايقتك وزعزعة ثقتك بنفسك، فلا تضيع وقتك في الرد عليها، واختار إما أن توضح الأمر لمن ينتقدك أو أن تتجاهل تماماً، إن رأيت أنّه لا يستحق الرد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق